أثار انضمام لويس سواريز إلى برشلونة الجدل حول طريقة لعب الفريق الكتلوني بوجود ثلاثة نجوم بمزايا فردية في خط المقدمة، حتى يوهان كرويف أبو الكرة الشاملة وصاحب التغيير الثوري الدائم في البرسا قال "لا أفهم كيف سيلعب نيمار وسواريز وميسي معاً".
سواريز الموقوف يعني تغييراً تكتيكياً طفيفاً:
إيقاف لويس سواريز ليس فقط عن اللعب بل عن التدريبات، وفي حال استمر هذا الإيقاف فإن المهاجم الأرجوياني سيلمس الكرة لأول مرة بجانب زملائه في برشلونة خلال شهر أكتوبر، وهي فترة غير مناسبة للقيام بتغيير جذري على التكتيك لأن الموسم يكون فاعلاً.
حالة سواريز تجعل أي تغيير تكتيكي ثوري مؤجل حتى الموسم المقبل، فلويس انريكي كمدرب جديد يحتاج ليتشرب لاعبوه أفكاره قبل التفكير بتغييرات مفاجئة خلال الموسم، وبالتالي فإن تأثير أغلى لاعب في تاريخ برشلونة لن يتعدى تغييراً طفيفاً في الوظائف.
4-3-3 مستمرة مع قربها لـ 4-4-2 بشكل الماسة:
يوهان كرويف هو الأب الروحي لخطة 4-3-3 في برشلونة والتي يعد الالتزام فيها شرطاً من شروط الإدارة على أي مدرب جديد، لكن كرويف يصر على أن خطته هي ذاتها 4-4-2 بشكل الماسة، والفرق بالنسبة له بوظائف اللاعب المتقدم في خط الوسط.
من غير المتوقع أن يلجأ لويس إنريكي لمغامرة تغيير مكان ميسي جذرياً ليلعب على الجناح الأيمن، فأي تصادم مع ليو قد يعني انهيار غرفة تغيير الملابس وبالتالي انهيار النتائج، لكن الأقرب هو استمرار ليونيل ميسي كمهاجم وهمي عند الاقتراب من منطقة جزاء الخصم، وكصانع العاب متقدم عند بداية الهجوم، أي أن ميسي سيكون على رأس خط الوسط الذي سيتخذ شكل الماسة متكوناً على الأغلب من بوسكتش - انيستا - راكيتيتش - ميسي.
أما خط الهجوم فسيكون لويس سواريز ونيمار الأقرب دوماً للثلث الأخير، بحيث سيغيران في مراكزهما كثيراً، وفي بداية الهجوم سيذهب سواريز إلى الرواق الأيمن لتوسيع رقعة اللعب مع اتجاه نيمار للجهة اليسرى كخيار أول في بناء اللعب، وهنا تصبح فرصة ليونيل ميسي كبيرة للدخول إلى منطقة الجزاء والتسجيل، مع احتمال أن يتبادل سواريز ونيمار الجهات هنا.
خيار أخر لا يقل أهمية في الشكل الهجومي عن الأول وسيكون اللجوء إليه كثيراً أمام الفرق الدفاعية، يتمثل هذا الخيار ببقاء سواريز في مكانه كمهاجم رقم 9 ليساعد ميسي على عمل تمريرة إلى الأمام مباشرة وتخفيف الضغط عليه مع إجبار قلبي الدفاع على البقاء في الخلف، وحينها يتقدم ايفان راكيتيتش لفتح جبهة يمنى، ومع معطيات الهجمة وتمركز الخصم تكون تحركات مختلفة تحدد من يدخل منطقة الجزاء، وتحركات لاعبي خط الوسط وسرعة اللعب.
لويس سواريز سيخدم ضمن الشكل العام لبرشلونة
ما التغييرات إذاً ؟
الشكل السابق هو الذي طبقه برشلونة مع بيب جوارديولا أثناء وجود صامويل ايتو وتيري هنري، كما أنه الشكل الذي حاول تطبيقه مع وجود زلاتان إبراهيموفيتش لولا الخلاف مع الأخير، قبل أن يختل التوازن ويفقد الفريق تركيزه الهجومي في أخر فترات جوارديولا وما بعدها في عصر تاتا مارتينو والراحل تيتو فيلانوفا ليصبح الفريق أكثر تقليدية وأقل تحركاً في الثلث الأخير.
التغييرات بالنسبة لفكرة برشلونة العامة لن تكون كبيرة بل طفيفة، والفارق سيكون بأن لاعباً مثل لويس سواريز عندما يستلم الكرة قادر على الإتيان بحلول مبدعة غير متوقعة، وكذلك الحال سيكون مع نيمار، فهناك نوع من تشجيع المخاطرة في المنطقة الأمامية بدلاً من هاجس خسارة الكرة لغايات الاستحواذ.
شكل برشلونة التكتيكي مع سواريز أو غيره سيكون المعروف للجماهير، ويبقى على المهاجم الأرجوياني واجب التأدية بشكل يلائم الخطة والفريق كي ينجحوا معاً، فالبرسا لن يغير خطته من أجل لاعب واحد وهو الذي يملك ليونيل ميسي.
المستمرون يؤكدون الفكرة:
اختار لويس انريكي أن يستمر معه جيرارد ديلوفيو وبيدرو رودريجيز، وكلاهما يتقنان اللعب كأطراف ويستطيعان الانضمام إلى منطقة الجزاء.
نوعية ديلوفيو وبيدرو تبدو كأسلحة احتياطية لخطة لويس انريكي المتوقعة، فلو كان يريد اللعب بمهاجم رقم 9 تقليدي لحاول التعاقد مع مهاجم احتياطي في هذا المكان واستغنى عن بيدرو مثلاً، في حين أن بديل ليونيل ميسي في هذا الشكل التكتيكي الجديد سيكون ايفان راكيتيتش أو اندريس انيستا حسب معطيات المباراة.
التوازن .. قضية خطيرة أمام انريكي:
من القضايا المهمة التي تحتاج لعمل كبير من لويس إنريكي قضية التوازن، فأقوى هجوم في العالم لا يستطيع الفوز بأي لقب إن كانت لديه مشاكل دفاعية، وأكثر فريق موهبة فردية لا يستطيع الفوز إن لم يلعب كمجموعة واحدة.
التوازن الذي يشغل بال لويس إنريكي الآن له وجهان؛ توازن بين اللعب الجماعي والفردي، وهنا تحتاج المسألة قوة شخصية من المدرب بالتعامل مع النجوم، وإقناعهم بأهمية الجانبين لصالح الفريق، وهي مسألة ليست سهلة خصوصاً مع وجود جانب إثبات الذات لدى كل منهم مقابل زميله النجم الأخر.
وأما الوجه الثاني فهو توازن بين الناحية الهجومية والدفاعية، فنيمار وسواريز وليونيل ميسي من غير المتوقع منهم تقديم النواحي الدفاعية التي كان يقدمها اليكسيس سانشيز أو بيدرو، هذه القضية تعامل معها بيب جوارديولا إما من خلال المداورة بين هنري ولاعبين آخرين في بعض المباريات، أو بتغيير تركيبة خط الوسط بجعلها دفاعية أكثر في المباريات الكبيرة، فقد يكون هناك ماسكيرانو إلى جانب بوسكتش وانيستا ومن أمامهم الثلاثي الخطير في المباريات التي يخشى فيها انريكي المفاجآت.
كلمة سر نجاح برشلونة في الموسم المقبل تتوقف على هذه الناحية، التوازن بين الفرديات واللعب الجماعي الذي كان ميزة برشلونة منذ العقد الأخير في القرن الماضي، والتوازن بين الهجوم والدفاع لأن الهجوم يمتع الجماهير، لكن الدفاع يحقق البطولات، وهي مسائل ستضطر لويس انريكي لبعض المداورة والتغيير في الواجبات حسب المباراة وظروفها.
التوازن قضية يجب أن يحلها لويس انريكي
تحدٍ لميسي:
في تقرير سابق طرحه موقع
عن ليونيل ميسي، كان الحديث عن ضرورة خلق تحدٍ جديد لليونيل ميسي كي يستعيد حيويته ورغبته بالنجاح، وسواريز يمثل تحدياً لليونيل ميسي في أمرين؛ الأول كي يبقى الهداف الأول والنجم الأوحد في البرسا، والثاني بوجود أدوار تكتيكية جديدة للاعب يخلط فيها بين الهجوم وصناعة اللعب.
هذا التحدي لليونيل ميسي سلاح ذو حدين، فلو قبله بشكل إيجابي ونجح فيه فإن البرسا قد يشاهد ليونيل الذي اعتاده، وفي حال أخذ اللاعب الأرجنتيني المسائل بشكل سلبي، فإن مزيداً من التدهور والخلافات قد تحيط بالفائز بالكرة الذهبية 4 مرات.
المساحات تحدٍ لسواريز:
يعتقد كثيرون خطأ أن الدوري الإسباني يتيح مساحات أكثر من نظيره الإنجليزي، لكن الواقع هو العكس تماماً، فضعف الدفاع وغزارة الأهداف لا تتعلق أبداً بالمساحات في البطولتين، وأكد عدد من اللاعبين المنتقلين مؤخراً من الليجا إلى انجلترا الأمر، ومنهم مسعود أوزيل عندما رأى بالمساحات في الدوري الإنجليزي فرصة لجميع اللاعبين كي يظهروا إبداعهم وقدراتهم.
عدم وجود مساحات أمام لويس سواريز عندما يلعب في الدوري الإسباني قد يخلق ضغطاً إضافياً سريعاً عليه بعد عودته، فاللاعب يحتاج وقتاً للتأقلم والتعامل مع الاختلاف عليه في النهج الدفاعي، وربما يبدأ الكلام عن تراجع مستوى انطلاقاته وتسديداته البعيدة، وهي أمور يجب أن يستعد لها صاحب العضات الثلاث جيداً.